شرح الرثاء .. كلمة عن فن أو غرض

الرثاء .. كلمة عن فن أو غرض :
الرثاء هو مدحا لموتى ، وهو غرض قديم ، وغالباً نجد العاطفة فيه عاطفة الحزن ، ممتزجة بعاطفةالإعجاب .



فالحزن على الميت والإعجاب بصفاته.

وهذا الفن يدل على الوفاء والمحبةوالمجاملة، ويعتبر من أصدق
الفنون والأغراض تعبيراَ عن النفس. ولقد تطور في هذاالعصر واشتدت حرارته كما تدخل في ميدان
السياسة.

* ابن الرومي
أبو الحسن على بن العباس ، ينتمي من جهة أبيه إلى الروم ومنجهة أمه إلى الفرس ولد في بغداد سنة
221هـ وكان كثير التشاؤم وكان دقيقاً في اختيارالأصدقاء وهو شاعر مطبوع وله موهبة فريدة في الجمع
بين المطابقات ، ومات سنة 284هـوله ديوان شعر " ديوان ابن الرومي"

* مناسبة القصيدة
اختار الموت ابنالشاعر الأوسط ،الذي كان حبيباً إلى قلب الشاعر ، وقد صارع المرض فترة جعلت
قلبالشاعر يزداد حزنا وحبا لابنه. ولما مات هذا الابن ،حزن الشاعر عليه حزناً شديداً،وكانت هذه القصيدة
صرخة من أعماق الحزن القلبي لدى الشاعر يعبر فيها عن لواعجه الحزينة.

* أبيات القصيدة و شرحها

1- بكاؤكما يشفي وإنكان لا يجدي فجودا فقد أوْدى نظيركما عندي

• مفردات :
1- يشفي : يريح .
2- لا يجدي : لا ينفع .
3-أودى : هلك ومات .
4- نظيركما : مثلكما .

• شرح :
يخاطب الشاعر عينيه مبيناً أن البكاء ربمايريح النفس ولكنه لا يرد ميتاً ولا يجدي في ذلك شيئاً فقد مات من كان بالنسبةللشاعر كعينيه لباقي جوارحه.

• بلاغة :
" أودى نظيركما عندي " تشبيه شبه ولدهكعينيه لمكانته وإظهار حبه كمبرر لحزنه عليه.
البيت أسلوبهخبري غرضه تقرير الحزن واللوعة على ولده
" فجودا " أسلوب إنشائي نوعه أمر غرضه التمنيوالتحسر. " إنْ " تفيد الشك.


2- توخى حمام الموت أوسط صبيتي فلله كيف اختارواسطة العقد ؟

• مفردات :
1- توخى : اختار .
2- الحمام : الموت .
3- واسطة العقد : الجوهرة الكبيرة والغالية تكون في وسطالعقد

• شرح
يتحسر الشاعر مبيناً أن الموت اختار أوسط أولاده متعجباً منهذا الاختيار الذي يعتبر اختيارا لواسطة العقد
وجوهرته الغالية.

• بلاغة:
"توخى حمام الموت" : استعارة مكنية فيهاتصوير الموت بمن يختار وفيها تشخيص .
" واسطة العقد " استعارة تصريحية حيث شبه ابنهالأوسط بالجوهرة المتميزة وهى صورة توضح مكانة
الابن.
الشطر الأول : أسلوبه خبري غرضه إظهار الحزن والأسى والشطر الثاني: إنشائي للتعجب

3- طواه الردى عنيف أضحى مزاره بعيداً على قرب قريبا على بعد

• مفردات :
1- طواه : أخفاه .
2- الردى : الموتوالهلاك
3-أضحى : أصبح
4- مزاره : زيارته .

• شرح :
يتحسر الشاعر على ولده الذي طواه الموت وأخفاه فهو قريب فيقبره وزيارته بعيد عن رؤيته .

• بلاغة:
طواه الردى : استعارة مكنية فيها تشخيصوإيحاء بقسوة الموت .
الأسلوب خبري غرضه إظهار الحزن واللوعة والأسى .
( بعيدا علىقرب ) (قريبا على بعد ) مقابلة تبرز المعنى بالتضاد وتوحي بالحسرة .

4- لقد أنجزت فيه المنايا وعيدها و أخلفت الآمال ما كان من وعد

• مفردات :
1-أنجزت : حققت .
2-المنايا : جمع منية وهي "الموت ".
3-وعيدها : تهديدها .
4-الوعد : ما تعد به الإنسان من أمر جميلمحبب على سبيل الهدية أو المكافأة .

• شرح :
لقد حققت المنايا ما هددت به عندما اشتدعليه المرض ، كما أخلفت الآمال في شفائه ما وعدت به

• بلاغة
أنجزت المنايا : استعارة مكنية فيها تشخيص .
أخلفت الآمال : استعارة مكنية فيها تشخيص .
وبين شطري البيت مقابلة تبرز المعنى .
بين وعيد ووعد جناس ناقص يعطي جرسا موسيقيا ويحركالذهن .

5- ألح عليه النزف حتى أحاله إلى صفرة الجادي عن حمرةالورد

• مفردات :
1-ألح : استمر .
2-النزف : سيولالدم .
3-أحاله : حوله .
4-الجادي : الزعفران .

• شرح :
يصف الشاعر موت ابنه بعد أن اشتد عليهالمرض والنزف حتى حول لونه إلى الاصفرار والذبول بعد حمرة الوجه ونضارته .وهنايستخدم الشاعر الألوان لإبراز فكرته وتوضيحها ، فالأصفر يدل على الشحوب بعد النزف،والحمرة تدل على تمام الصحة والنضارة والجمال

• بلاغة
ألح عليه النزف : كناية عن القصد والتعمد . ويجوز أن تكون استعارة مكنية حيث شبه النزف بإنسانيلح .
بين حمرة وصفرة : طباق لإظهار المعنى .
البيت أسلوبه خبري لإظهار الحسرة والحزن .

6- فيا لك من نفس تساقط أنفسا تساقط در من نظام بلا عقد

• مفردات :
1- تساقط : تتساقط .
2-در : لؤلؤ .
3- نظام : خيط تنظم فيه حبات العقد .
4-عَقد : رباط في نهاية الخيط يمنع تساقط حباته .

• شرح :
يتعجب الشاعر حين يصف موت ابنه ، متحسرا وموضحا أن نفسه كانت كأنها نفوس تموت منها واحدة، بعد
واحدة أو كعقد قطع خيطه فتساقطت حباته، واحدة بعد أخرى .

• بلاغة :
البيت تشبيه تمثيلي .فالشاعر يشبه نفس ابنه مع عملية النزيف المستمرة حتى فارقت هذه النفس
جسمه على مراحل بالعقد الذي قطع خيطه فتساقطت حباته . وقيمته توضيح المعنى برسم صورة له وفيه
إيحاء بالحزن والحسرة .
الأسلوب إنشائي للتعجب وإظهار الحزن .

7- أُلام لما أبدي عليك من الأسى وإني لأخفي منك أضعاف ما أبدي

• مفردات :
أبدي : أظهر . الأسى : الحزن . أضعاف : المراد كثيرا جدا .

• شرح :
يخبرنا الشاعر بمدى اللوم الذي يوجه إليه من الناس على حزنه ا لشديد على فقده ويوضح لنا أن ما
يخفيه من الحزن أضعاف ما يظهر منه .

• بلاغة :
البيت كناية عن شدة الحزن الذي يعانيه الشاعر .
أبدى و أخفى طباق يبرز المعنى بالتضاد
والشطر الثاني مؤكد بإن للتأكيد على ما يخفيه من الحزن .
ألام ، أبدي ، أخفي ، أفعال جاءت بصيغة المضارع لتدل على التجدد والحدوث .
البيت أسلوبه خبري لإظهار الحزن والأسى

8- محمد ما شيء تُوهم سـلوةً لقلبي إلا زاد قلبي من الوجــد

• مفردات:
سلوة : عزاء ونسيان . تُوهم : ظن . الوجد : شدة الحزن

• شرح :
يتوجه الشاعر بالخطاب إلى ابنه وكله حزن ولوعة ويوضح أنه لا يستطيع أن ينساه ،فكل ما توهم أنه
سبب في نسيانه يزيد لوعة قلبه حزنا عليه .

• بلاغة:
والبيت كناية عن عدم نسيانه وشدة الحزن في البيت أسلوب قصر أداته النفي و الاستثناء

9-أرى أخويك الباقيين كليهما يكونان للأحزان أورى من الزند

• مفردات :
1- أورى أكثر اشتعالا . الزند العود الذي تقدح به النار ويجمع على : أزناد وزناد.

• شرح :
وعلى سبيل المثال في أن كل ما توهمه لنسيان ابنه لم يزد قلبه إلا حزنا فقد توهم الشاعر أن أخويه
يكونان سلوة لقلبه، فإذا هما يشعلان النار في قلبه أكثر من أن يكونا سلوة له وعونا له على النسيان
والجلد .

• بلاغة:
البيت التاسع تشبيه تمثيلي يوحى بشدة الحزن ونار القلب
الأسلوب في البيت : خبري لإظهار الحزن واللوعة

10- إذا لعبا في ملعب لك لذعـا فؤادي بمثل النار من غير ما قصد

• مفردات:
1- ملعب: أي مكان اللعب .
2- لذعا : أحرقا وأوجعا .
3- فؤادي : قلبي .

• شرح :
يبين الشاعر إنه إذا توهم ابنيه الباقيين سيكونان سلوى له تنسيه ولده الفقيد فهذا لم يحدث، فإذا لعبا
في مكان كان يلعب فيه أو بأشيائه أحرقا قلبه حزنا على فقيده الذي كان ثالثا لهما ،دون أن يقصد ذلك.

• بلاغة :
البيت كناية عن شدة حزنه في البيت تشبيه تمثيلي حيث شبه ولديه عندما يلعبان بنار تحرق قلبه

11- وأنت وإن أفردت في دار وحشة فإني بدار الأنس في وحشة الفرد

• مفردات:
1- أفــــردت : كنت فريدا وحدك .
2- دار وحشة : يقصد القبر .
3- دار الأنس : يقصد الدنيا .

• شرح :
ثم يصرخ صرخة مجروح الفؤاد فإذا كان ابنه وحيدا في قبره الموحش فها هو ذا الشاعر يشعر بالوحشة
نفسها وهو في الدنيا بين الناس.

• بلاغة :
فى البيت كنايتان "دار وحشة " كناية عن القبر و( دار أنس ) كناية عن الدنيا والطباق بين دار وحشة ودار
أنس يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد .

• الأسلوب :
خبري لإظهار الحزن

* التعليق العام على النص :

• الأفكار

واضحة مترابطة تدور حول حزن الشاعر على ولده، وكيف كان المرض يعتصرها وكيف صار ابنه قريبا بعيدا
في الوقت نفسه بسبب الموت.

• الصور

جميلة معبرة عن حزن الشاعر موضحة للمعنى وفى خدمته
* أما الألفاظ فسهلة والعبارة متماسة والمحسنات غير متكلفة وجاءت لخدمة المعنى .
* أما عن الشاعر فهو أب حزين ، يفيض قلبه ألما على موت ولده، وهو بطبعه متشائم، زاده موت ولده ألما
على ألم.

إرسال تعليق

0 تعليقات