القيمة أم النجاح ؟ أم كليهما

في أحد اللقاءات يُسأل إيلون ماسك سؤالاً مهماً، ما رأيك بكل من نيكولا تيسلا وتوماس أديسون؟ هل أنت تيسلوي أم أديسوني؟ يجاوب ماسك جواباً ذكياً ليقول


كلاهما مكملان لبعضهما وكلاهما احتاج الآخر، أديسون شخصية أعمال لا يهمه سوى الترويج لمنتجاته وتحقيق الأرباح – مفهوم النجاح – أما تيسلا فقد كان رجلاً حاذقاً لكنه منطوي على نفسه لدرجة شديدة، ويرى في بعض الأمور الأديسونية عملاً لا أخلاقياً – مفهوم القيمة .

لكن في النهاية كلاهما احتاج بعضهما. أديسون مهم لتظهر عبقرية تسلا إلى العلن، وتسلا مهم لكي تأخذ أعمال أديسون بعداً عملياً قيماً.

عودةً إلى جوبز، كنت قد قرأت منذ مدة مقالاً يقول فيه صاحبه أنه يعطي جوبز درجة 0 في الناحية الاجتماعية والإنسانية، في حين أنه يعطيه درجة 10 بكونه رائد أعمال نادراً ما يتكرر. وفي كلتا الدرجتين نجد واضحاً الاشتباك الحاصل بين مفهوم النجاح من جهة وبين مفهوم القيمة من جهة أخرى.

يُعطب الزمن ويعفّن كل شيء بطريقه بلا رحمة إلا القيم. القيم وحدها من تنضج بمرور الزمن وتصبح أعظم!

هل أنت مستعد للتضحية؟ إجابة هذا التساؤل توضح لنا مفهوم القيمة والنجاح. غالباً في طريق النجاح ستضطر للتضحية بالكثير من المبادئ المتعارف عليها أو القيم إن صح التعبير. أول قيمة ساقطة يمكن أن نراها بوضوح عند غالبية الناجحين هي العائلة، الأم، الأب، الزوجة، الأبناء…الخ رغم أن هناك حالات تخالف ذلك، لكن بشكل ما يبدو أن النجاح المدوّي عالمياً هو مفهوم فردي جداً لا يتسع إلا لشخص واحد.

فالأمر أولويات ليس أكثر. هل أنت مستعد لأن تعيش مع خزان من الأموال لكن لا أحد من أهلك يتصل بك؟ أم هل أنت مستعد لأن تعيش كل يوم مُضحياً بحياتك الشخصية في سبيل دفع ثمن قيم ومبادئ وواجبات للأهل والأقارب والأصدقاء والخالات والعمات، لدرجة أنك تصل إلى مرحلة تجد نفسك تركض بحياة لم يعد لديك وقت لكي تعيشها! فقط تركض وتركض وتركض!

كما قلنا الأمر أولويات، وتبقى النقطة المهمة أن تجعل من الأولوية غير محكومة بالزمن. فطبيعي أن يكون الشاب أولويته التمرّد والمال، لكن في عمر الـ 60 الأمر مختلف! أي يجب أن نضع بعين الاعتبار أهمية الرؤية بكاملها وليس فقط حيز زمني ضيق جداً.

جوبز كان سيئاً مع عائلته وأب وزوج فاشل. لكنه رجل أعمال جبار. هل أنت مستعد لو صحت لك الفرصة أن تصبح مثله؟ أن تكون رجلا عالمياً لكن لا أحد يريد أن يقترب منك لأنهم يعرفون أنك وغد؟!

دائماً الشخصيات الخشنة الأقل عاطفيةً هي الأكثر نجاحاً. الإنسان الذي لا يهتم بما يفكر الناس وبما يشعر الناس وبما يشعر هو نفسه حتى سيكون أكثر نجاحاً. وعلى النقيض، نجد المائعين عاطفياً ممسحة بين الأقدام يدوسها القاصي والداني. لذلك الأمر يعتمد على ما تريده من نتائج، وكما يقال، إن أردت تحضير العجة عليك كسر البيض. فإن أردت النجاح عليك أن تكسر بعض مَن حولك.

لكن هل أنت فعلاً مستعد للتضحية؟ أم من الممكن أن تجمع الاثنين؟ ربما…

نقلته بتصرف من مقال للكاتب:عبدالرحمن عرفة

إرسال تعليق

0 تعليقات