عرض شفوي عن السلطان قابوس رحمه الله في حكايه إعصار شاهين

الحمد لله القديم بلا غاية, والباقي بلا نهاية, الذي علا في دنوه, ودنا في علوه, فلا يحويه زمان, ولا يحيط به مكان, ولايؤوده حفظ ما خلق, ولم يخلقه على مثال سبق, بل أنشأه ابتداعاً, وعد له اصطناعاً, فأحسن كل شيء خلقه وتمم مشيئته, وأوضح حكمته, فدل على ألوهيته, فسبحانه لا معقب لحكمه, ولا دافع لقضائه, تواضع كل شيء لعظمته, وذل كل شيء لسلطانه, ووسع كل شيء فضله, لايعزب عنه مثقال حبة وهو السميع العليم, وأشهد أن لا إله إلا وحده لا مثيل له, إلهاً تقدست أسماؤه وعظمت آلاؤه, علا عن صفات كل مخلوق, وتنزه عن شبه كل مصنوع, فلا تبلغه الأوهام, ولا تحيط به العقول ولا الأفهام, يُعطي فيحلم, ويدعى فيسمع, ويقبل التوبة عن عباده, ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون.

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاه والسلام على أشرف الخلق و المرسلين أما بعد سأقدم اليوم لكم عرضي الشفوي عن السلطان قابوس رحمه الله في حكايه إعصار شاهين، من ذلكَ الفجر العصيب، و انا ارى بلادي تهتف بإسم والدها و تمشي على خطاه و كانه موجود لم يمت، و توالت علينا الصعاب و المصائب، و نحن باقون على نهجه، الا ان أتى ذلك اليوم.....

 ليله لم تشدهاها عمان منذ عقود، هطلت الأمطار في سمائنا، ارعبت اطفالنا و انهكت رجالنا و نسائنا، أخذت منا كل شي، فقد ذهبت منازلنا و مزارِعنا و كل ما نملك، كسرتَ ظُهورنا، ملأ التراب بيتونا، و ذهبت كسوتنا في غمضه عينَ، خطفت منا أرواح أحبتنا، مرتَ تلكَ الليله كانها سنه و نحن غارقون في ظلام الليل و قسوة برودته، تجمدت اطرافنا و ليس باليد حيله، و اتى الصباح ظننتَ كل الذي مرَ بكابوسَ مرعبَ، و ليتني لم أظن، فقد كانت حقيقه مره، ذقتها و ابناء بلدتي،بقت الدموع تجول بعيني، و لكن سأصدق القول بأن رضنا بحكم الله و ما أصابنا هو خير لنا، و لم نلبث الا ان رأينا كل عُمان في بلادنا يدا واحده و كانهم أبناء قريتي، من مشارقِها و مغاربها و حتى جنوبها كانت السند لنا، ساروا على نهج والدهم متكاتفين يد واحده، اصلحوا ما اعاسه شاهين، و بقوا لنا في حزننا قبل فرحنا، و بعثوا البهجه في قلبونا، أكرم وأسخى وأزكى شاي ذقته في حياتي ولن يكون أطيب منه إلا شراب الجنة...

 بلغنا من بواسل الشؤون الهندسية أنهم فتحوا الطريق إلى منطقة منكوبة لم تصلها أي مساعدات منذ الكارثة، سارعنا للإنتقال لها فهالنا ما رأينا.. حرفيًا نفذوا بجلدهم فقط، لكن حجم الرضى في وجوههم، والبشاشة في أرواحهم لا تُصدَّق.. لهم الجنة مستبشرين... فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" اللهم إني اُشهِدُگ أنهم راضون حامدون شاكرون... 

وقبل مغادرتنا حلف علينا طِفلُهم أن يسكب لنا من الشاي الذي لا غيره عندهم غذاء منذ ليلتها. فسكب معه دموعنا، وأقسم أيمانًا مغلضة أن نشرب. وأخاله تم صناعته باشعال الحطب المتوفر، فلا أدوات غيرها بقت... 

ما اعظم الإيمان بالله فمهما عظمت المصيبة تظل النفس راضية والروح مطمئنة والرأس مشرئب. (وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ) (إِن تُقۡرِضُوا۟ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا یُضَـٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِیمٌ).


إرسال تعليق

0 تعليقات