أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية: قصة إيمان وبطولة

 

أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية (توفيت سنة 13 هـ)، المُعرَفة أيضاً بلقب نسيبة بنت كعب المازنية، كانت صحابية من أهل الخزرج، شاركت بفخر في مجموعة من غزوات النبي محمد وفي بعض المعارك التي جرت خلال حروب الردة. 

 



نشأة  نسيبة بنت كعب رضي الله عنها 

تنتمي أم عمارة نسيبة بنت كعب إلى عائلة بني الخزرج، الذين استوطنوا مدينة يثرب قبل الإسلام، وتحديداً من بطن بني النجار، الأقرباء لعبد المطلب بن هاشم، جد النبي محمد.

 يظل غموضٌ يكتنف إسلام والدها، كعب بن عمرو بن عوف، وكذلك إسلام والدتها الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج.

ورغم أن بعض المؤرخين يميلون إلى فرضية إسلام ومشاركة والدتها في غزوة أحد، حيث قيل أنها قامت بتضميد جراح ابنتها نسيبة خلال تلك الغزوة، يظل الأمر غير مؤكد.

أما من إخوتها، فقد أسلم عبد الله، الذي شهد جميع غزوات النبي محمد. وتوفي في المدينة سنة 30 هـ، وصلى عليه الخليفة آنذاك عثمان بن عفان. هناك تناقض في المصادر حول طريقة وفاته، فقد ذكر صاحب الطبقات أنه قتل في يوم الحرّة.

بينما أشار آخرون إلى أنه توفي طبيعيًا. كما يُذكر أنه كان عبد الله بن عمارة، أحد إخوتها، من بين البكاءين الذين لم يمتلكوا القدرة على المشاركة في غزوة تبوك.

ونزل فيهم قول الله تعالى: "وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ" (التوبة: 92).

أما أخوها الثاني، عبد الرحمن، فقد كان من البكاءين ولكن لم يشترك في المعارك. ونذكر أنه شهد بقية غزوات النبي محمد، وتوفي في آخر خلافة للخليفة عمر بن الخطاب.

 

أسرة نسيبة بنت كعب أم عمارة:

قبل الإسلام، دخلت أم عمارة نسيبة بنت كعب في رابطة الزواج مع زيد بن عاصم الأنصاري، صحابي من الذين شهدوا البيعة في العقبة ومعارك بدر وأحد. للأسف، لا تتناول كتب السير والتراجم تفاصيل وفاة زيد بن عاصم، إلا أنها تؤكد أنها أنجبت له ابنين.

الابن الأول هو حبيب، الذي شارك في معظم المعارك مع النبي محمد، بما في ذلك بيعة العقبة، ومعركة أحد والخندق.

 أُرسل حبيب من قبل النبي محمد لمواجهة مسيلمة بن حبيب في اليمامة، حيث قُطعت أطرافه ثم أُلقي في النار ولقي حتفه.

الابن الثاني هو عبد الله، الذي قتل مسيلمة بن حبيب في معركة اليمامة بسيفه بعد أن رماه وحشي بن حرب. توفي عبد الله يوم الحرة في سنة 63 هـ.

بعد وفاة زوجها زيد بن عاصم، تزوجت أم عمارة من غزية بن عمرو الأنصاري، وهو أيضًا من الصحابة الذين شاركوا في بيعة العقبة ومعركة أحد. كان غزية أخًا لسراقة بن عمرو.

لها منه ابن يُدعى ضمرة الذي قتل في موقعة الجسر. ولد آخر باسم تميم، وهناك اختلاف في كتب السير حول نسبته إلى زيد بن عاصم أم لغزية بن عمرو.

سيرة حافلة لنسيبة بنت كعب أم عمارة:

أم عمارة، نسيبة بنت كعب الأنصارية، كانت من أوائل أهل يثرب الذين أسلموا، وكانت واحدة من امرأتين بايعتا النبي محمد في بيعة العقبة الثانية. عندما هاجر النبي إلى يثرب، كانت أم عمارة من المخلصين في نشر الدين، وشاركت في غزوة أحد مع زوجها وابنيها.

في غزوة أحد، قاتلت أم عمارة مع زوجها وابنيها دفاعًا عن النبي محمد، وأصيبت بثلاثة عشر جرحًا بين طعنة برمح أو ضربة بسيف. دعا النبي محمد لها ولعائلتها، ووعدهم بالجنة.

حين دعا النبي محمد للخروج لمطاردة قريش بعد غزوة أحد، كانت أم عمارة تتوجه للمشاركة، ولكنها لم تتمكن بسبب جراحها من ذلك اليوم. شاركت بعدها في غزوة بني قريظة وغزوة خيبر.

في سنة 6 هـ، خرجت مع النبي محمد وآلاف المسلمين لأداء العمرة. وقبل دخولهم مكة، أُرسل عثمان بن عفان لإعلام قريش بقدومهم. 

ولكن تأخر عثمان، فظنّ المسلمون أنه قتل. بايعوا النبي بيعة الرضوان على الموت، وكانت أم عمارة من البايعين.

شاركت أم عمارة في صلح الحديبية بعد عودة عثمان. وحضرت مع النبي عمرة القضاء في العام التالي. بعد فتح مكة، شاركت في معركة حنين، حيث تحمست وقاتلت بشجاعة.

بعد وفاة النبي محمد، شاركت أم عمارة في حروب الردة، وكانت حاضرة في معركة اليمامة. أصيبت بأحد عشر جرحًا، وقطعت يدها، ولكنها تحملت الألم.

توفيت بعد معركة اليمامة في خلافة عمر بن الخطاب، ودُفنت في المدينة المنورة في مقبرة البقيع. 

سطرت أم عمارة قصة حياة مليئة بالإيمان والشجاعة، وظلت تعتبر من النساء البارزات في تاريخ الإسلام.

 

 

شخصية  نسيبة بنت كعب أم عمارة تتميز بعدة جوانب قوية وملهمة:

  1. الإخلاص والشجاعة: تجلى إخلاص أم عمارة لدينها من خلال مشاركتها الفعّالة في العديد من المعارك والغزوات، بدايةً من غزوة أحد وحتى معركة اليمامة.
  2. كانت شجاعتها واضحة في وقوفها مع النبي محمد والدفاع عن الإسلام حتى بعد أن أصيبت بجروح في مواجهة الأعداء.
  3. الصبر والثبات: أظهرت أم عمارة صفات الصبر والثبات، خاصة عندما واجهت مصيبة مقتل ابنها حبيب في معركة اليمامة. تعبيرها الشهير "لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته" يعكس قوة إيمانها واستعدادها لقضاء مشيئة الله.
  4. حرصها على المساواة: قدمت أم عمارة اعتراضًا حينما لم ترَ النساء يُشيرن إليهن في بعض الأمور الدينية. هذا الاعتراض أدى إلى نزول آية
  5. تؤكد أن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات
  6. والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات قد أُعِدّ لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا.

باختصار، كانت أم عمارة شخصية قوية، تميزت بالإيمان العميق، والشجاعة في سبيل الله، والصبر في مواجهة التحديات، وحرصها على المساواة بين الرجال والنساء في المجتمع الإسلامي.

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات