شاءت الظّروف أن تقطن في منزل خالتك بحيّ عصريّ فلم يعجبك نمط الحياة فيه. واشتدّ بك الحنين إلى حيّك التّقليديّ.
انقل ما شاهدت في هذا الحيّ العصريّ مسترجعا بعض ذكرياتك في حيّك.
حنين إلى عبق الماضي
المقدمة:
شاءت الأقدار أن أنتقل مؤقتًا للعيش في منزل خالتي، الواقع في حيّ حديث الطراز. كنتُ مُترددًا في البداية، لكنّني لم أتخيّل أبدًا أنّني سأشعر بهذا القدر من الغربة والحنين إلى حيّي القديم. كان الحيّ الجديد بكلّ ما فيه يُناقض تمامًا نمط الحياة الذي اعتدتُ عليه.
صلب الموضوع:
في هذا الحيّ العصريّ، كلّ شيء يبدو مُنظّمًا ومُرتّبًا بشكل مُبالغ فيه. الشوارع واسعة ونظيفة، والمباني شاهقة وذات تصميم مُوحّد. لا تكاد تسمع صوتًا، وكأنّ الحياة تسير بهدوء مُملّ. الناس هنا يعيشون في عزلة عن بعضهم البعض. لا أحد يعرف جاره، ولا يوجد أيّ تواصل اجتماعي حقيقي.
أتذكّر في حيّنا القديم، كانت الحياة تنبض بالحيوية. الشوارع ضيّقة ومتعرّجة، لكنّها كانت مليئة بالحياة. كنّا نعرف جميع جيراننا، نتشارك الأفراح والأحزان، ونجتمع في المناسبات. كنّا نلعب في الشارع حتى وقت متأخر، دون خوف أو قلق. أتذكّر صوت بائع الخضار المتجوّل، وصوت المؤذن الذي يصدح في أرجاء الحيّ، وضحكات الأطفال التي تملأ المكان.
هنا في الحيّ العصريّ، لا يوجد مكان للأطفال للعب. لا يوجد سوى الحدائق المُصمّمة بشكل رسمي، والتي لا تسمح بالجري واللعب بحرية. أتذكّر في حيّنا، كنّا نلعب كرة القدم في أيّ مساحة فارغة نجدها، دون أن يُعاتبنا أحد. كنّا نبني بيوتًا صغيرة من الطين، ونلعب ألعابًا شعبية بسيطة، لكنّها كانت تُشعرنا بسعادة غامرة.
في هذا الحيّ، كلّ شيء يعتمد على التكنولوجيا. التسوّق عبر الإنترنت، والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لا يوجد تواصل بشري حقيقي. أتذكّر في حيّنا، كنّا نذهب إلى السوق الشعبي، ونتحدّث مع الباعة، ونشتري منهم حاجياتنا. كنّا نزور بعضنا البعض في المنازل، ونتناول الشاي معًا، ونتحدّث عن أمور حياتنا.
الخاتمة:
أدركتُ الآن قيمة الحياة في حيّي القديم. أدركتُ قيمة العلاقات الإنسانية الحقيقية، وقيمة البساطة والتواضع. أدركتُ أنّ الحياة ليست مجرّد مباني شاهقة وشوارع واسعة، بل هي عبارة عن بشر يتفاعلون مع بعضهم البعض، ويُشاركون بعضهم أفراحهم وأحزانهم. اشتدّ بي الحنين إلى حيّي، وإلى جيراني، وإلى ذكرياتي الجميلة. أتمنى أن أعود إليه قريبًا، لأستعيد عبق الماضي ودفء العلاقات الإنسانية.
0 تعليقات
أهلا بك في موقع عُمان التعليمية - نرحب بنشر تعليقاتك البناءة و مساهماتك الطيبة - دائما نستمع بإهتمام لطلباتكم وآرائكم .. بالتوفيق